في هذا المقال، سنأخذكم في جولة بين درجات تحميص القهوة، نفهم فيها الفروقات الدقيقة، ونرشدكم لاختيار الدرجة التي تناسبكم أكثر.

حين نقف أمام رفوف القهوة، قد نحتار بين درجات التحميص المختلفة: غامقة، متوسطة، أو فاتحة. كلها تبدو مغرية، وكل منها تحمل نكهة مختلفة وتناسب ذوقًا معينًا. فكيف نعرف أي درجة هي المثالية لنا؟ وقد يهمكم الاطلاع على طريقتي في تحميص القهوة.

ما المقصود بدرجة تحميص القهوة؟

تحميص القهوة هو العملية التي تعرض فيها حبوب البن الخضراء للحرارة، مما يغيّر من لونها، نكهتها، ورائحتها. وكلما طالت مدة التحميص، أصبحت الحبوب أغمق، وأقل حموضة، وأكثر مرارة. وهذا التغير في الطعم والنكهة يحدد نوعية القهوة التي ستتناولونها في فنجانكم اليومي.

القهوة الفاتحة: نكهة البن الأصلية

التحميص الفاتح يعرف بلونه الفاتح البني، وغالبًا ما يطلق عليه أسماء مثل “تحميص القرفة” أو “التحميص الخفيف”. حيث يتم سحب الحبوب من النار بعد ما يعرف بـ”الفرقعة الأولى”، وهي مرحلة تبدأ فيها الحبة بإصدار صوت يشبه الفرقعة نتيجة الحرارة.

ما يميز هذا النوع هو احتفاظه بالنكهات الأصلية لحبوب البن، خصوصًا إذا كانت من محاصيل عالية الجودة. وقد تلاحظون نكهات فاكهية، زهرية، أو حتى حمضية. كما أن نسبة الكافيين في هذا التحميص غالبًا ما تكون الأعلى مقارنة بباقي الدرجات.

هذا النوع يناسب من يبحثون عن قهوة بطعم خفيف، نقي، معقد في نكهته، ويحبون اكتشاف تفاصيل البن حسب مصدره.

القهوة المتوسطة: التوازن المثالي

التحميص المتوسط هو الأكثر شيوعًا وانتشارًا، ويعرف بلونه البني المعتدل ونكهته المتوازنة. حيث يسحب من النار بعد “الفرقعة الثانية” أو عند بدايتها، مما يمنح القهوة نكهة أقل حموضة من التحميص الفاتح، مع احتفاظها بجزء من خصائص الحبوب الأصلية.

تتميز القهوة المتوسطة بأنها متزنة من حيث النكهة، الحموضة، والمرارة، وغالبًا ما تستخدم في القهوة الأمريكية أو الإسبريسو. كما أن الكافيين فيها يكون بدرجة معتدلة، ما يجعلها خيارًا يوميًا ممتازًا لمن يحبون طعم القهوة من دون أن تكون لاذعة أو قوية أكثر من اللازم.

طريقة عمل الإسبريسو في المنزل بدون ماكينه

تحضير الإسبريسو في المنزل بدون ماكينة تحدٍ ممتع، ويمكنكم الاقتراب من نكهته الغنية والمركزة باستخدام أدوات بسيطة مثل الموكا بوت، لتحصلوا على كوب قوي يشبه قهوة المقاهي لكن بطابعكم الخاص.

القهوة الغامقة: النكهة القوية والرائحة الغنية

أما التحميص الغامق، فيعرف بلونه الداكن القريب من الأسود، ولمعته الناتجة عن الزيوت التي تخرج من الحبوب أثناء التحميص الطويل. كما يتميز هذا النوع بنكهة مرّة، مع انخفاض الحموضة ووضوح نكهات التحميص أكثر من نكهات الحبوب نفسها.

قد تلاحظون فيه طعم الكراميل، الشوكولاتة الداكنة، أو حتى نكهة مدخنة أحيانًا. وهو مناسب لمن يحبون القهوة القوية، الثقيلة، التي “تملأ الفم”، وتشعرهم بالتركيز والدفء.

بالمقارنة مع الأنواع الأخرى، تحتوي القهوة الغامقة أقل نسبة من الكافيين، لأن الحرارة العالية تقلل من محتوى الكافيين في الحبة. لكنها تبقى مفضلة لدى من يحبون النكهات العميقة والغنية.

طريقة القهوة الفرنسية

القهوة الفرنسية، بنكهتها الغنية وطعمها المعتدل، تعتبر خيارًا مثاليًا لبدء اليوم أو للاستمتاع بلحظات استرخاء بين الأصدقاء.

كيف تختارون الدرجة المثالية لكم؟

الاختيار يعود لذوقكم الشخصي، ونوع المشروب الذي تفضلونه. إليكم بعض النصائح لتحديد ما يناسبكم:

• للباحثين عن النكهات الفاكهية والحمضية: التحميص الفاتح هو الأنسب. جربوه في القهوة المقطرة أو الفي 60.
• لمن يحبون التوازن بين المرارة والحموضة: التحميص المتوسط هو الخيار الذهبي، مثالي للإسبريسو أو القهوة الأمريكية. جربوا عمل الاسبريسو بالحليب.
• لعشاق الطعم القوي والرائحة الثقيلة: التحميص الغامق هو الأفضل، خصوصًا مع القهوة التركية أو الفرنسية.

في النهاية، لا يوجد “صحيح” أو “خطأ” في اختيار درجة التحميص. فالقهوة تجربة شخصية، وما يعجب شخصًا قد لا يناسب آخر. لذلك، ننصح بتجربة كل درجة عدة مرات، ويفضل من مصادر مختلفة، لتكتشفوا ما يرضي أذواقكم. وقد يكون من الممتع التبديل بين درجات التحميص حسب الوقت والمزاج: قهوة فاتحة صباحًا لانتعاش خفيف، متوسطة بعد الغداء، وغامقة في المساء لدفء واسترخاء. وإليكم أيضًا أسرار تحميّص القهوة.