دراسة تكشف عن الدور الخفي للميكروبات المعوية في الإصابة بالقلق والتوتر!

البروبيوتيك هي بكتيريا نافعة توجد في بعض الأطعمة والمكملات الغذائية، كما أنها تؤدي دورًا فعالًا في دعم صحة الأمعاء وتحسين التوازن الميكروبي فيها.

ويعد الزبادي واللبن الرائب من المصادر الطبيعية الغنية بالبروبيوتيك، حيث يحتوي سلالات مفيدة من البكتيريا مثل اللاكتوباسيلوس والبيفيدوباكتيريوم، التي تساعد على تعزيز صحة الجهاز الهضمي، وتحسين امتصاص العناصر الغذائية، وتقليل الالتهابات، وقد يساهمان أيضا في تقليل مستويات القلق والتوتر. وإليكم أطعمة غنية بالبروبيوتيك أضيفوها إلى نظامكم الغذائي.

دراسة جديدة من سنغافورة

هل يمكن أن يكون سر تخفيف القلق مخفيًا في أمعائنا؟ اكتشف علماء من كلية الطب Duke-NUS والمعهد الوطني لعلوم الأعصاب ارتباطًا حاسمًا بين ميكروبات الأمعاء والسلوك المرتبط بالقلق.

تشير أبحاثهم، التي نُشرت في  EMBO Molecular Medicine، إلى أن المستقلبات الميكروبية وخصوصًا الإندولات، تؤدي دورًا مباشرًا في تنظيم نشاط الدماغ المرتبط بالقلق. حيث يفتح هذا الاكتشاف إمكانيات مثيرة للعلاجات الجديدة القائمة على البروبيوتيك لتحسين الصحة العقلية.

الدور الذي تؤديه الميكروبات في سلوك القلق

لقد ارتفع معدل انتشار اضطرابات الصحة العقلية على مر السنين. وفقًا لأحدث دراسة على مستوى البلاد، عانى 1 من كل 7 أشخاص في سنغافورة من اضطراب في الصحة العقلية، والذي يشمل اضطرابات الاكتئاب والقلق. في عام 2019، كانت اضطرابات الصحة العقلية واحدة من الأسباب الأربعة الرئيسية لثقل المرض في سنغافورة.

وبالتالي شرع فريق البحث في التحقيق في الدور الذي تؤديه الميكروبات في سلوك القلق. في الدراسات ما قبل السريرية، لاحظ العلماء أنه في بيئة خالية من الجراثيم، حيث أظهرت تلك التي لم تتعرض للميكروبات الحية سلوكًا مرتبطًا بالقلق أكثر بكثير من تلك التي تحتوي ميكروبات حية مقيمة نموذجية.

القلق مرتبط بنشاط في منطقة الدماغ

وكشفت التحقيقات الإضافية أن القلق المتزايد كان مرتبطًا بنشاط متزايد في منطقة الدماغ المشاركة في معالجة المشاعر مثل الخوف والقلق، اللوزة القاعدية الجانبية (BLA). وقد تم تحديد ذلك أيضًا على أنه مرتبط ببروتينات متخصصة داخل خلايا الدماغ تُعرف باسم قنوات SK2 المعتمدة على الكالسيوم، والمرتبطة بسلوك القلق.

في الظروف التي يتعرض فيها الجسم والدماغ لمستقلبات الميكروبات الحية، تعمل قنوات SK2 مثل القابض، وبالتالي تمنع الخلايا العصبية من أن تصبح متحمسة بشكل مفرط وإطلاق النار بشكل متكرر للغاية.

ربط الميكروبات بالصحة العقلية

وأوضح الأستاذ المساعد شون جي من برنامج علم الأعصاب والاضطرابات السلوكية في جامعة ديوك-جامعة سنغافورة الوطنية وأحد المؤلفين الرئيسيين أن نتائجهم تكشف عن العملية العصبية المحددة والمعقدة التي تربط الميكروبات بالصحة العقلية.

حيث أظهر الأشخاص الذين لا يمتلكون أي ميكروبات حية مستويات أعلى من السلوك القلق مقارنةً بالأشخاص الذين لديهم بكتيريا حية. في الأساس، أدى نقص هذه الميكروبات إلى تعطيل طريقة عمل أدمغتهم، وخصوصًا في المناطق التي تتحكم في الخوف والقلق، مما يؤدي إلى السلوك القلق. وإليكم 8 أطعمة عليكم تناولها لغناها بالبريبايوتك الضروري لجسم صحي.

تفاصيل الدراسة

لفهم دور الميكروبات في هذه العملية بشكل أفضل، أدخل الباحثون ميكروبات حية إلى فئران خالية من الجراثيم. حيث أدى هذا إلى تقليل النشاط العصبي المرتفع في اللوزة القاعدية الجانبية وبالتالي نشاط قناة SK2. ونتيجةً لذلك، أظهرت الفئران سلوكًا أقل ارتباطًا بالقلق بشكل ملحوظ، حيث أصبحت استجاباتهم العاطفية مثل تلك المعرضة للميكروبات.

كما حاول الباحثون العلاج بالإندولات، وهي مستقلبات ميكروبية تنتجها بعض الميكروبات. عندما أعطيت الفئران الخالية من الجراثيم الإندولات، أظهرت نشاطًا أقل في اللوزة القاعدية الجانبية وأظهرت سلوكًا أقل ارتباطًا بالقلق. أظهر هذا أن ميكروباتنا الأصلية تنتج مستقلبات، مما يشير إلى وجود صلة مباشرة بين ميكروباتنا والحفاظ على التوازن العقلي.

إشارات الجوع والسيطرة عليها

قال البروفيسور سفين بيترسون من قسم الأبحاث بالمعهد الوطني لعلوم الأعصاب في سنغافورة، وهو أيضًا المؤلف الرئيسي للدراسة: أن إنشاء إشارات الجوع والسيطرة على الجوع هي آلية دفاع محفوظة تطوريًا. ومن ثم، يمكن النظر إلى التحول الفسيولوجي عند الولادة باعتباره موجة رئيسية أولى من التعرض للقلق لدى المولود الجديد، والذي يعني ببساطة: “إذا لم نأكل، فسوف نموت”.

بالإضافة إلى ذلك، ترتبط الولادة بالتعرض لحليب الثدي، المعروف باحتوائه ميكروبات يمكنها إنتاج جزيئات تعرف باسم الإندولات. ومن المعروف أن الإندولات تفرز في النباتات عندما تتعرض للإجهاد أو سوء التغذية (الجفاف)، وفي هذه الورقة نورد آلية مماثلة يمكن من خلالها للإندولات تنظيم مستويات القلق لدى الثدييات.

الإندولات البلازمية الميكروبية المتداولة في الدم

وهذا يعني أن المستويات المختلفة من الإندولات البلازمية الميكروبية المتداولة في الدم قد تعكس حساسية مختلفة وقابلية للتعرض لمواقف مرهقة وبالتالي مخاطر متفاوتة لتجربة مواقف مرتبطة بالقلق.

علاوةً على ذلك، فإن الآثار المترتبة على هذه الملاحظات متعددة: على سبيل المثال، فإنها تفتح المجال أمام الإمكانات العلاجية لاستهداف محور الأمعاء والدماغ لعلاج الاضطرابات المرتبطة بالقلق من خلال استعادة تكوين الميكروب من خلال المكملات الغذائية بالإندول أو عن طريق إدخال الميكروبات المعوية المنتجة للإندول كبروبيوتيك.

ويختتم بيترسون: أنه بعبارة أخرى، فإنها تفتح المجال أمام العلاجات المصممة خصيصًا بما يتماشى مع الطب الدقيق في القرن الحادي والعشرين. وتوضح دراسات مثل هذه العلاقة الوراثية الوثيقة القائمة بين الميكروبات الأصلية لدينا والتعقيد الأعلى للحياة. وإليكم 3 أطعمة ممنوع تناولها مع الزبادي.

الميكروبات والتغذية ووظائف المخ

وقال البروفيسور باتريك تان، نائب العميد الأول للأبحاث في جامعة ديوك-جامعة سنغافورة الوطنية: أن نتائجئهم تؤكد على الروابط التطورية العميقة بين الميكروبات والتغذية ووظائف المخ. وهذا له إمكانات هائلة للأشخاص الذين يعانون من حالات مرتبطة بالتوتر، مثل اضطرابات النوم أو أولئك الذين لا يستطيعون تحمل الأدوية النفسية القياسية. إنه تذكير بأن الصحة العقلية ليست فقط في الدماغ – بل هي في الأمعاء أيضًا.

يأمل الفريق الآن في استكشاف التجارب السريرية لتحديد ما إذا كان من الممكن استخدام البروبيوتيك أو المكملات الغذائية القائمة على الإندول بشكل فعال في البشر كعلاج طبيعي للقلق. وإذا نجحت هذه التجربة، فقد تمثل بداية عصر جديد في رعاية الصحة العقلية، حيث تساعد ميكروبات الأمعاء في الحفاظ على راحة عقولنا.