سرّ خلطة بهارات المحشي المحضّرة في البيت
نشر في 26.11.2024
فوانيس الفرح تجتمع مع الأسرة الكبيرة في أول يوم في رمضان، والذي أمسى تقليداً لدى الكثير من العائلات لأن يكون اليوم الأول في بيت العائلة.
وقد كنت لا أزال عروساً جديدة وكنت سأحظى بأوّل فرصة وتجربة لشهر رمضان خارج منزل عائلتي ومع زوجي طبعاً وأفراد عائلته، إكتشفوا فوائد التمر والرطب طاقة طبيعية لشهر رمضان.
وكتقليد سنوي في أول يوم في رمضان لدى عائلة أم ماهر، والتي تحرص على تحضير كلّ ما يلزم لعمل “سفرة كبيرة” لاستقبال أبنائها المتزوجين وعائلاتهم.
إذ إنهم يحرصون على أن يكون هذا اليوم في بيت العائلة الكبير، على الرغم من مشاغلهم الأخرى، جربوا طريقة عمل زبدة الفول السوداني بالبيت.
وكنت أنا وماهر مدعوين طبعاً إلى الإفطار الذي سيجمع كلّ أفراد العائلة، وقد كنت بالفعل متوترة لأنني جديدة في عائلة زوجي ولا أعرف عاداتهم وما يحبونه.
لذلك بدأت بطرح الأسئلة على زوجي لتكوين فكرة عمّا ينتظرني، لكنّه طمأنني إلى ضرورة عدم الشعور بالقلق لأنّ الإفطار سيكون ودياً وسألقى استحسان الجميع.
وبالفعل حضرنا جميعنا إلى الإفطار وكنت قد حضرّت بعض الحلويات المميزة للمائدة وتأنقت ولكنني من الداخل كنت أشعر بقلق كبير من يحدث ما لم يكن في الحسبان.
وبالفعل سارت الأمور على خير ما يرام وكانت حماتي أعدّت مائدة إفطار شهيّة جمعت كلّ أنواع المأكولات الرمضانية اللذيذة.
وقد لفت نظري أناقة وترتيب المائدة، ممّا ترك انطباعاً لدي عن ذوق والدة زوجي وقدراتها التنظيمية الرائعة.
لقد كان أول رمضان مميزاً بالنسبة لي هذا العام فقد شعرت بالإلفة والمودة تجاه عائلة زوجي، وبأنني جزء محبوب منها.
مستشار العلاقات الاسرية الدكتور محمد أبو شوك يرى أنّ حديثي الزواج يواجهون صعوبة في التأقلم في منازلهم خلال الشهر الفضيل.
غير أنّ الزوجة أسرع تأقلماً من الرجل لأنها تتحمل مسؤولية الطعام، إكتشفوا كيف أسوي فطيرة اليقطين وصفة سهلة بمذاق شهي.
ويقول إنّ شهر رمضان له خصوصية وأجواء مختلفة عن كلّ المناسبات فترتبط فيه لمة العائلة والأهل وذكريات الطفولة فيصعب على المتزوج الحديث سواء الزوج أو الزوجة ترك ذلك.
لكن تأقلم الزوجة يكون أسرع بسبب أنها تحمل مهمّة الطبخ ومسؤولية توازن الاسرة نفسياً فالزوجة مهيأة أكثر لهذا الامر.
لكن عند إصرار الرجل على الافطار عند والدته فقد يصل شعور سلبي للزوجة وفهم خاطئ أنّ طعامها ليس بالمناسب أو أنه يبحث عن الراحة عند غيرها ولو كانت أمه.
ويضيف «هنا يأتي دور الزوج بتوضيح فكرة الافطار بدبلوماسية عند والدته بأن يقول لها (إنها فرصة خير لتعرّف الأهل أكثر عليك وإظهار براعتك في تحضير الطعام والمساعدة والتعرّف على أجواء الاسرة وتبادل الخبرات فيما بيننا) فبهذه الحالة تتوضح الفكرة وتصبح مستساغة».
ويعلّق أبوشوك «لا نقول يومياً بل (سددوا وقاربوا) أي أيام عند والدته وأيام عند أهلها وأيام في بيتهم حتى يعتادوا شيئاً فشيئاً على أجواء البيت.
وهنا تأتي دبلوماسية الزوجة في أن تجعل الأيام التي يقضيها في بيته جميلة خالية من التعب والمشاكل والازعاج وتركه يتابع ما يريد على شاشة التلفاز أو ما تعوّد عليه.
وهو أيضا يحاول التنازل عن بعض الأشياء حتى يصلا لمعادلة متوازنة فالحياة مثل الطائر والزوجان هما جناحا هذا الطائر يجب أن يتوازنا حتى يستطيعان الطيران والتحليق فلنحلق بفكرنا عاليا ونسمو حتى نعيش حياة هادئة يعمها الفرح والسكينة».
وتعد الجلسات العائلية على الموائد في رمضان فرصة سانحة للعائلة لتكون في جلسة متحابة ومبهجة للجميع ولكلّ الأعمار.
إذ إنّ الكثير من العائلات والأسر قد لا تجتمع كثيراً في الأوقات العادية، لكنهم يجدون في رمضان فرصتهم واختيارهم الدائم للتجمّع وتبادل الأحاديث ومشاركة الأعمال الخيرة الكثيرة لكلٍّ منهم.
وما يضفي كذلك بهجة وسعادة على الأهل والأبناء، هو الشعور الداخلي لكلّ منهم بأنه سعيد ومبتهج، كونه يجتمع بعائلته، وفرحة اللقاء، وهذا لا يتكرر كثيراً، خاصة لمن هم متزوجون أو يعيشون خارج البلاد، عدا عن ربط الجمعة العائلية بالطاعة والصيام.
وفي هذا الشهر الفضيل، تكون الجلسات حتى ساعات متأخرة من الليل، هي الأجمل، ومنذ اليوم الأول في رمضان يحرص الأولاد على مجالسة أهلهم، من ساعات ما قبل الإفطار، وحتى بعد ذلك.
ويشاركون والدتهم في التحضير للإفطار، وخاصة في اليوم الأول، الذي يحضر فيه إخوته المتزوجين، ويكون حافلاً بـ”الفعاليات العائلية بحضور الأطفال”.
أستاذ علم الاجتماع في جامعة الحسين بن طلال الدكتور هاشم الطويل يرى أنه ليس من المفروض على الزوج في شهر رمضان أن يكون الابتعاد كلياً عن أسرة الزوجة.
فالمطلوب المواءمة وبشكل تدريجي للتعود على ذلك، كما يمكن للزوجين أن يتواصلا مع أسرتي التوجيه خاصتهما مثلاً من خلال التواصل والزيارة بعد انتهاء وجبة الإفطار بقيامهما بزيارة الأسرة الأخرى في الليلة نفسها لتناول الحلويات.
ممّا يُخفف من الاحتقان ويقلّل من الشعور بالبعد أو التمييز لدى أيّ طرف والتعارف هنا، أساسه علاقات اجتماعية جميلة وصحيحة.
ويضيف «ينبغي على الزوج أن يتفهم حاجة زوجته للخصوصية والشعور بالاستقلالية، وعلى الزوجة أن تتجاهل ما يمكن- التصرفات المزعجة من وجهة نظرها، وتستوعب الجديد في العلاقات الأسرية الجديدة».