لطهي مثالي في المقلاة الهوائية.. هل نستخدم ورق الزبدة أم قوالب السيليكون؟
نشر في 13.08.2024
يعتبر تحضير المونة عادة قديمة يعتمدها سكان بلاد الشام، من أجل التحضير لاستقبال موسم الشتاء بتشكيلة غذائية وفيرة من الأطعمة والمأكولات.
تعتبر المونة في بلاد الشام جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، حيث كانت ولا تزال وسيلة لحفظ الطعام لفترات طويلة. هذا التقليد المتعارف عليه منذ مئات السنين بقي صامدًا حتى يومنا هذا. وتعتمد المونة على تجهيز وحفظ أنواع مختلفة من الأطعمة بطريقة تمكن العائلات من استخدامها طوال العام، خصوصًا في فترات الشتاء عندما لا تتوفر الموارد الطازجة كثيرًا. يعبر هذا التقليد السنوي عن هوية سكان بلاد الشام، الذين يتشاركون في إعداد أنواع مونة مشابهة كالمربيات، الكشك، والزيتون. وهنا تعرفوا على طريقة كبس الزيتون الأخضر.
المونة هي عبارة عن عملية تخزين الطعام بطرق تقليدية بسيطة مثل التجفيف، التمليح، والتخليل بحسب نوع الطعام المستخدم. وتشمل المونة منتجات عديدة ومتنوعة مثل المربيات، المخللات، الزيتون، اللبنة، المكدوس، الكشك، والزعتر وغيرها من الأنواع المختلفة. تعتمد كل منطقة على مكوناتها المحلية وأساليبها التقليدية، وهذا ما يجعل المونة تتميز بطابع خاص بحسب كل منطقة. ففي بعض المناطق، يعتمد الناس بشكل كبير على الحبوب والبقوليات الجافة، بينما في مناطق أخرى يعتمدون على الفواكه المجففة، المخللات، الزيتون وزيت الزيتون.
مما لا شك فيه أن الاهتمام في تحضير المونة اختلف قليلًا عن الماضي. ففي الماضي، كانت المونة أمرًا حيويًا للبقاء في مواجهة الظروف الطبيعية القاسية وعدم توفر وسائل التخزين الحديثة وصعوبة الحصول على بعض المنتجات خصوصًا في أيام البرد القارس أو غيرها. لذلك كانت العائلات تجمع المحاصيل والفواكه في موسمها، وتعمل على حفظها لاستخدامها خلال فصول السنة المختلفة. وكانت النساء في القرى تتعاون فيما بينهن لإعداد كميات كبيرة من المؤن تكفي أسرهن لفترات طويلة. أما في وقتنا الحاضر، ورغم توفر وسائل التخزين الحديثة مثل الثلاجات والفريزرات، إلا أن المونة ما زالت تحتفظ بأهميتها. فالكثير من الناس لا زالوا يعتمدون عليها للحصول على المنتجات الطبيعية والتخلص من الاعتماد على المنتجات الصناعية والمعلبة التي تغزو الأسواق.
هناك أنواع مختلفة من المونة في بلاد الشام، إليكم أبرزها:
تشمل المخللات مخلل الخيار، الجزر، اللفت، وأنواع مختلفة من الخضار، والزيتون. يتم تحضيرها بوضع الخضروات في محلول ملحي أو خل وتخزينها في أوعية زجاجية أو فخارية وقد تختلف المخللات من منطقة لأخرى.
هناك أنواع عديدة من المربيات، أبرزها مربى المشمش، التين، الكرز، والتفاح. يتم إعدادها بطهي الفواكه مع السكر على نار هادئة حتى تتحول إلى معجون لذيذ وحلو. يتم حفظ المربيات في جرار أو أوعية زجاجية محكمة الإغلاق لضمان بقائها صالحة للاستهلاك لفترات طويلة وفي هذا السياق اكتشفوا أبرز أنواع المربى.
يعتبر زيت الزيتون سيد المونة، فلا تكتمل مونة الشتاء بدونه. يتم حفظه في جرار كبيرة لضمان توفره طوال العام. أما الزيتون، فلا يقل أهمية عن الزيت، ويعتبر أساسيًا في تحضير المونة. يُخلل الزيتون ويُحفظ في أوعية زجاجية محكمة الإغلاق وهو جزأ أساسي من المائدة في بلاد الشام.
اللبنة هي عبارة عن لبن مجفف ومملح، يتم حفظها في أواني زجاجية أو فخارية لضمان جودتها وهي تعتبر جزءًا مهمًا من الفطور التقليدي، وتُقدم غالبًا مع الزيتون وزيت الزيتون.
المكدوس هو عبارة عن الباذنجان المحشو بالجوز والفليفلة، ويتم حفظه في زيت الزيتون لعدة شهور ويعتبر من أشهر أطباق المونة، وهو يتميز بنكهة فريدة تجعل الجميع يعشقها.
تختلف طرق التحضير، بحسب نوع المونة اليكم على سبيل المثال:
تستخدم هذه الطريقة للحبوب والبقوليات، حيث يتم تجفيفها تحت أشعة الشمس ثم تخزينها في أكياس قماشية. ويتم تجفيف الفواكه أيضًا مثل التين والمشمش، وهذه الطريقة تضمن بقاء العناصر العذائية لفترات طويلة.
تستخدم هذه الطريقة لحفظ الجبن والزيتون، حيث يتم نقعها في محلول ملحي لفترات طويلة فالملح يعمل كمادة حافظة طبيعية، وهو من أقدم طرق الحفظ.
يستخدم لحفظ الخضار مثل الخيار واللفت في الخل والملح، مما يعطيها طعمًا مميزًا ويزيد من فترة صلاحيتها. وتعتبر عملية التخليل عملية دقيقة تحتاج إلى الموازنة بين النكهات والحموضة. تعرفوا على طريقة تخليل الخيار.
تعكس المونة جزءًا من الهوية الثقافية للمجتمع الشامي. فهي تعبر عن طريقة حياة مرتبطة بالأرض والزراعة، وعن التقاليد العريقة في التعامل مع الموارد الطبيعية بحكمة. كما أن تحضير المونة هو نشاط جماعي في أغلب الأوقات، حيث تتعاون النساء فيما بينهن لإعداد المونة وتبادل الخبرات والمكونات. وهذا التعاون بدوره يعزز الروابط الاجتماعية ويؤكد على أهمية العمل الجماعي.
في الختام، المونة في بلاد الشام ليست مجرد تقليد غذائي، بل هي جزء من تراث ثقافي يعبر عن شعوب عريقة تعكس تاريخ المنطقة وحكمتها في التعامل مع الموارد الطبيعية. ورغم التطور الذي تشهده مجتمعاتنا إلا أن المونة لا زالت تحافظ على مكانتها الخاصة. وستبقى شاهدة على العلاقة الوثيقة بين الإنسان وأرضه، وعلى قدرة المجتمعات على الابتكار في مواجهة التحديات والظروف مهما كانت قاسية.