السكر في حياتنا اليومية: هل يمكن الاستغناء عنه؟
نشر في 10.04.2025
لطالما كان السؤال القديم المطروح كثيرًا حول عدد مرات تناول الطعام موضوع نقاش مهم وأساسي بين المهتمين بالصحة وخبراء التغذية والأطباء.
ومع تزايد تنوع الأنظمة الغذائية في العالم وأنماط الأكل، أصبح من الضروري فهم أهمية فترات تناول الوجبات وتأثيرها على صحتنا وعافيتنا بشكل عام. وقد يهمكم معرفة ما هو الوقت المناسب لتناول العشاء؟
عندما يتعلق الأمر بصحة الأمعاء، فإن توقيت وجباتنا يؤثر بشكل كبير على عملية الهضم وصحتنا العامة. فبينما يركز الكثيرون على ما يأكلونه، فإن الفترات الفاصلة بين الوجبات لا تقل أهمية.
شرح الدكتور ويل بولسيفيتش، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي الشهير في ماونت بليزانت، ساوث كارولينا، لمجلة نيوزويك كيف تستفيد صحة الجهاز الهضمي عندما تتاح للأمعاء وقت كافي للراحة ولا تعمل باستمرار على هضم الطعام.
وقال أنه عندما يتعلق الأمر بصحة الأمعاء وتوقيت الوجبات، لا يوجد نهج واحد يناسب الجميع. من الحكمة الانتظار حوالي أربع ساعات بين الوجبات. كما أوضح أن توزيع الوجبات على فترات زمنية يساعد في الحفاظ على إيقاع صحي للأمعاء ويدعم الهضم السليم.
سلّط بولسيفيتش الضوء على دور هرمون GLP-1 (ببتيد شبيه الغلوكاغون-1)، وهو هرمون معوي يُفرز بعد حوالي 15 دقيقة من تناول الطعام.
وقال أنه عادةً ما تصل مستوياته إلى ذروتها بعد حوالي 30-60 دقيقة من تناول الطعام. وأضاف أنه قد نتعرف على GLP-1 من أدوية مثل أوزيمبيك، وهو نفس الهرمون الذي تُحاكيه هذه الأدوية للمساعدة في تنظيم سكر الدم.
علاوةً على ذلك، يتجلى هذا التأثير بشكل خاص عندما تحتوي وجباتنا ألياف بريبيوتيك، التي تُغذي بكتيريا الأمعاء وتُعزز إنتاج المزيد من GLP-1. ومع ذلك، لا تنتهي عملية الهضم عند GLP-1. ولصحة قلب أفضل: ما هو الوقت المثالي لتناول وجبة الفطور بحسب خبراء تغذية؟
ومع انخفاض مستويات GLP-1 تدريجيًا، تنتقل أمعائك إلى مرحلة خاصة من الهضم تُسمى المُركب الحركي المهاجر (MMC) وهي مرحلة بالغة الأهمية، ولكن غالبًا ما يتم تجاهلها.
على سبيل المثال، يبدأ عمل MMC بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات من تناول الوجبة، ويستمر لمدة 90-120 دقيقة تقريبًا. حيث يمكن اعتبارها بمثابة “دورة تطهير” لأمعائنا، حيث تتخلص من بقايا الطعام والبكتيريا، مما يساعد على الوقاية من فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO)، وتهيئ جهازنا الهضمي للوجبة التالية.
وأكد على أهمية منح MMC وقتًا كافيًا للعمل، ونصح بتجنّب تناول الوجبات الخفيفة باستمرار. فالانتظار من أربع إلى ست ساعات بين الوجبات يمنح MMC الفرصة لإكمال “عمله المنزلي” الأساسي.
كما أوضح أنه عادةً ما يُرسل جسمنا إشارة واضحة عندما يكون مستعدًا أي الجوع الحقيقي. حيث يُعد احترام هذه الإيقاعات الطبيعية من أبسط وأهم الأشياء التي يمكننا القيام بها لصحة أمعائنا.
في حين أن إرشادات الأربع إلى ست ساعات تُناسب معظم الأشخاص، إلا أن الاحتياجات الفردية قد تختلف. على سبيل المثال، قد تلاحظ النساء زيادة في الشهية قبل الدورة الشهرية.
وبناءً على ذلك، تدعم دراسة أجريت عام 2018 هذا الرأي، حيث أظهرت أن النساء يملن إلى تناول الأطعمة عالية السعرات الحرارية، وخصوصًا تلك الغنية بالدهون والسكريات والملح خلال هذه الفترة.
كما صرح بولسيفيتش أنه رغم أن إرشادات الأربع إلى ست ساعات تُعدّ معيارًا مفيدًا لمعظم الأشخاص، إلا أنه قد تكون هناك اختلافات طفيفة بين الأشخاص.
وأضاف أن التقلبات الهرمونية لدى النساء وخصصوًا خلال مراحل مختلفة من الدورة الشهرية قد تؤثر على مستويات الجوع والهضم، مما يؤدي أحيانًا إلى تقصير أو إطالة الفترات بين الوجبات. في النهاية، أفضل نهج هو الاستماع إلى جسمنا، حيث يجب علينا السماح للجوع الحقيقي بتوجيه جدول وجباتنا، ويجب أن نمنح أمعائنا وقتًا كافيًا لإكمال عمليات التطهير والاستعادة.
أوضح بولسيفيتش فوائد الالتزام بتوقيت مناسب للوجبات ومنها:
وأوضح قائلًا أنه يمكن أن يُعزز هذا أيضًا صحتنا الأيضية من خلال تحسين حساسية الأنسولين، وهو أمر بالغ الأهمية للوقاية من مشاكل الأيض مثل السمنة أو داء السكري من النوع الثاني.
وفي النهاية يضيف أن توقيت الوجبات لجسمنا يسمح بالدخول بشكل طبيعي في إيقاع منتظم، وهو أمر غالبًا ما يُغفل عنه ولكنه مهم بشكل خاص للهضم. حيث يبدأ هذا الإيقاع بالجوع، يليه تناول الطعام حتى الشبع، ثم هضم الوجبة بالكامل، ثم تكرار الدورة بدءًا من الجوع.
من المرجح أن يكون الحد من تناول الطعام في وقت متأخر من الليل خطوة جيدة لصحتنا أيضًا. حيث أن تناول الطعام ليلًا يمكن أن يؤثر سلبًا على أيض الغلوكوز، وقد يزيد من خطر الإصابة باضطرابات التمثيل الغذائي.
كما أن دراسات أخرى تشير إلى أن تناول الوجبات في وقت مبكر وفي فترات زمنية أقصر له تأثير أكبر على فقدان الوزن مقارنةً بتناول الوجبات في وقت متأخر وفي فترات زمنية أطول. وفي سياق متصل، لصحة أفضل وعمر أطول: ما هو الوقت المثالي لتناول وجبة الغداء وفقًا لاخصائية تغذية؟
بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم يمكن أن يحسن أيض الغلوكوز، ويخفض الالتهاب، ويدعم عمليات مثل الالتهام الذاتي (إصلاح الخلايا) ومقاومة الإجهاد.